صوت عدن : "معاريف":


بعد مبادرة قادتها فرنسا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد مؤتمر حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية، تحدث سفيرها لدى تل أبيب عن تأثير هذه الخطوة على إسرائيل وتطورات غزة.

وفي مقابلة مع صحيفة "معاريف"، رد فريدريك جورنس على سؤال: "لماذا اختارت فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية الآن، في منتصف الحرب بينما لا تزال حماس تهدد دولة إسرائيل؟ ألا يعتبر هذا جائزة للإرهاب؟"

وقال جورنس: "حسنا، التوقيت نابع من تخطيط مشترك مع المملكة العربية السعودية لاقتراح بديل للحرب التي لا نهاية لها. وأنا أصر مقدما على أن هذا ليس جائزة لحماس، حتى لو شعر العديد من الإسرائيليين بذلك: الاقتراح يتحدث صراحة عن نزع سلاح حماس، وإبعاد الحكومة المحلية، والمطالبة الصريحة بأن أي دولة فلسطينية تقام لن تضم حماس. ويجب الإشارة إلى أننا للمرة الأولى في الأمم المتحدة أعلنا أن حماس تتحمل المسؤولية الكاملة عن أحداث 7 أكتوبر، وأنها كانت هجوما إرهابيا مروعا، وأنه لا يمكن تحقيق أي سلام إلا بعد إطلاق سراح الرهائن".

كما تطرق جورنس إلى الاقتراح السعودي زاعما: "ما كان مهما هو أن السعوديين عرضوا علينا نوعا من الصفقة: هم من جهتهم سيدفعون العالم العربي نحو التطبيع مع دولة إسرائيل والاستقرار في الشرق الأوسط في اليوم الذي يلي تحرير غزة من حماس و، نعم، نحو إمكانية إقامة دولة فلسطينية تخضع للإصلاحات، ونزع السلاح، وتغيير جوهري في نظامها التعليمي. ماذا أرادوا منا في المقابل؟ الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما كان بالغ الأهمية لـ بن سلمان لأنه أيضا كان عليه التعامل مع الرأي العام في بلاده"، على حد قول السفير.

وتابع: "وما يجب أن أقوله هو أن النتيجة كانت مثيرة للإعجاب للغاية.. سمعنا في الأمم المتحدة من السعودية وإندونيسيا أنه في اليوم الذي ستعترف فيه إسرائيل بالدولة الفلسطينية، فإنهما من جهتهما ستعترفان بدولة إسرائيل. نحن نريد التطبيع ونريد مستقبلا مستقرا. وبالطبع، نريد حلاً للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".

وعلى سؤال: "لكن كيف يمكن لمنظمة حماس أن تشيد بالخطوة الفرنسية، بينما يختار دونالد ترامب إدانتها؟ كيف تفسر باريس "خطة سلام" يرفضها حليفها الرئيسي بينما تشجعها حماس؟" أجاب السفير الفرنسي: "لنبدأ بالولايات المتحدة. صحيح أن الأمريكيين عبروا عن عدم موافقتهم، ولكن لا يمكن التحدث عن رفض شامل. كانت هناك بعض تعليقات ترامب، ولكن إذا تحققت مما حدث يوم الجمعة قبل مؤتمر الأمم المتحدة في 22 سبتمبر، فإنهم لم يتمكنوا من حشد أي شخص إلى جانبهم. أنا أعلم أن هناك ضغوطا كبيرة من الجانب الأمريكي".

وأكمل: "بعض الدول مثل إيطاليا وسلوفاكيا واليونان وقبرص - التي لديها علاقة وثيقة جدا بإسرائيل - وافقت أيضاً على الرؤية المستقبلية. من ناحية أخرى، صوتت بعض الدول الإسلامية لصالحها - حتى الجزائر التي عارضت في البداية. لذا، قد لا يكون الأمريكيون يؤمنون تماما بما نفعله، ولكن قد يكونون ببساطة ينتظرون على الهامش ليروا ما سيحدث بناءً على اعتبارات عملية بحتة. لكنهم لم ينسفوا الأمر".

واستطرد: "أما بالنسبة لإشادة حماس وانتقادات إسرائيل.. أهلا بكم في الشرق الأوسط! قلنا في المؤتمر إن حماس سيُنزع سلاحها، وقلنا إنها المسؤولة الوحيدة عن أحداث 7 أكتوبر، ومع ذلك ردت حماس بشكل إيجابي، بينما ترى دولة إسرائيل في ذلك فخاً".

وأوضح قائلا: "نحن نرى الأمر من منظور معقد. حماس منظمة إرهابية قاتلة، وأنا لا أصدق كلمة واحدة مما تقوله! أما بالنسبة لتساؤلات الجمهور الإسرائيلي - يمكنني تفهمها وأؤمن بصدقها. نحن أيضا لا نرغب في الإضرار بعلاقاتنا مع دولة إسرائيل على الإطلاق، بل نسعى لتحسينها وتطويرها. لكننا نريد السلام، وقد توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن تحقيقه على دروب الحرب. لا يمكن إعادة الرهائن فقط من خلال الحرب، ولا يمكننا الاستمرار في تجاهل المشكلة الفلسطينية. يجب جلب قوة أمنية لتحقيق استقرار مؤقت".

ولدى سؤاله: "لكن إذا أجرت دولة فلسطينية جديدة انتخابات، فما الذي سيمنع حماس من الفوز مرة أخرى؟ ما هي الضمانات التي تقدمها فرنسا لعدم قيام دولة حماس جديدة؟ كيف يمكنكم الإشراف على ذلك حتى لا يخرج الأمر عن السيطرة؟"، رد فريدريك جورنس قائلا: "في الإعلان والقرار الذي أيدته 140 دولة، أدرجنا شرطا صريحا بأن الحركات السياسية التي تلتزم باتفاقيات أوسلو فقط هي التي يمكنها المشاركة في الانتخابات. وبالتالي، لا يمكن للسلطات في الدولة الفلسطينية أن تسمح لقوى إرهابية بالمنافسة في انتخابات ديمقراطية من أجل الحكم. هذا هو اتفاقنا معهم. نحن بحاجة إلى العمل بجد لتحقيق ذلك. لا أريد أن أكون كاذباً وأقول لك إن كل شيء آمن، وأننا نسيطر على الوضع".

وأكمل: "تجب المراقبة والإشراف على كل خطوة، وتجب مراجعة جميع قوائم المرشحين للانتخابات. وهناك شيء آخر مهم، يجب العثور على شخصيات تتمتع بسلطة في نظر الجمهور، لأنه يجب الاعتراف بأنهم فقدوا ذلك اليوم. ولكن إذا كنا نريد هذا مستقبلا، يجب أن نعثر على مثل هذه الشخصيات التي يثق بها الشعب الفلسطيني".

وفي إطار رده على السؤال الآتي: "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعلن: "لن تكون هناك دولة فلسطينية". إذا كانت دولة إسرائيل ترفض الفكرة رفضا قاطعا، فما الذي يتبقى من خطة ماكرون؟ ما هي الاستراتيجية الفرنسية لليوم التالي؟" أوضح جورنس قائلا: "نحن لسنا بصدد حل أي شيء غدا صباحا. لكن يجب أن نبدأ عملية ونرى أين تنجح، وما هي الأجزاء التي تنجح بشكل أقل. أؤكد مرة أخرى على الجانب العملي - يجب أيضاً دراسة الأفكار التي يمكن دمجها. على سبيل المثال، فيما يتعلق بـ'اليوم التالي' في غزة، هناك مقترحات من الولايات المتحدة، ومن السعودية، وهناك أيضا أفكار لتوني بلير وإدارة ترامب".

وأردف: "يجب إيجاد المزيج الصحيح من جميع الأفكار.. هذه هي الطريقة الواقعية ويجب دراسة عدة أمور. أولا - إنشاء قوة استقرار. نحن نعمل بالفعل لتحقيق هذا الهدف وندرب أفراد الشرطة الفلسطينية في الأردن لتحسين وتطوير مهاراتهم. طريقة أخرى هي إيجاد جنود مسلمين يرغبون في أن يكونوا جزءًا من مثل هذه القوة. أمر ثالث - يجب إقامة تعاون مع جهات موثوقة، تحظى بدعم الجمهور الفلسطيني ومقبولة أيضا لدى المجتمع الدولي. فكرنا أيضاً في الإشراف الدولي. وسأكون صريحا جداً معكم: كل هذا لن ينجح إلا إذا التقى مع الرؤية الأمريكية ويتطلب تدخلا أمريكيا. عندها فقط ستبدأ الأمور بالتحرك. ولكن حتى لو لم يكن لدينا الكثير لنفعله - فهذا لا يعني أننا لا يجب أن نفعل شيئاً على الإطلاق".