كلما حلمنا بمشروع وطني يصنع تحول لمستقبل افضل نصطدم  بالمعضلة الجوهرية التي تُجهِض كثيرًا من المشاريع الوطنية.
فالمشكلة ليست في الفكرة ولا في عدالة القضية، بل في تسلّق شِلّة المصالح التي تتعامل مع الوطن كغنيمة، ومع المشروع الوطني كوسيلة لا كقيمة.
هؤلاء يفرغون المشاريع من قيمها وأخلاقياتها، ويعيدون تشكيلها على مقاس عقليات ضيقة، فيتحول قضية وطن إلى قضية نفوذ،
ومن حلم جامع إلى حسابات شخصية،
ومن مشروع تحرر إلى مشروع تقاسم.
وحين تُقزَّم القضايا الكبرى، لا يكون ذلك عفويًا، بل نتيجة:
غياب المعايير الأخلاقية الواضحة
ضعف الرقابة الشعبية الواعية
وتقديم الولاء للمصلحة على الولاء للوطن
المشروع الوطني الحقيقي لا يسقط إلا عندما يُختَطف من داخله،
وحين تُدار القضايا بالعقلية نفسها التي صنعت الأزمات، فلا ننتظر إلا إعادة إنتاج الفشل… بأسماء وشعارات جديدة.
إن لم تُحكمَ القضايا بالقيم، ستظل فريسة للانتهازيين،
وإن لم نتصدى  لتجّار الوطن، فسيبقى الوطن مؤجلًا.
القضايا لا تُهزم فقط بالخصوم،
بل تُهزم أكثر عندما يديرها تجّار الوطن بلا أخلاق ولا ضمير.