في لحظة إقليمية دقيقة تتداخل فيها التحديات الأمنية مع استحقاقات السلام، تتجه أنظار أبناء الجنوب نحو المملكة العربية السعودية، بوصفها ركيزة التوازن الإقليمي وصاحبة الدور الأبرز في حماية الأمن العربي وصناعة الاستقرار.
وهذه الرسالة تُكتب بوضوح الصحافة ومسؤولية الكلمة، وتنطلق من منطق المصالح المشتركة لا من العاطفة وحدها.
إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى وقلب الاستقرار في المنطقة، إننا نخاطبكم اليوم بصوت شعب عاش ويلات الصراع، ويبحث عن سلام عادل لا مؤقت، وعن شراكة حقيقية لا حلولًا تجميلية؛ فأبناء الجنوب ينظرون إلى الرياض باعتبارها دولة الموقف والقرار التي وقفت تاريخيًا إلى جانب الشعوب وقدمت نموذجًا في دعم الأمن ومواجهة الفوضى وحماية الشرعية.
إن القضية الجنوبية ليست ملفًا طارئًا ولا شأنًا هامشيًا بل هي قضية سياسية وإنسانية راسخة الجذور، نتجت عن عقود من الإقصاء والتهميش وتحولت اليوم إلى ركنٍ أساسي في أي معادلة سلام حقيقية.
 لقد أثبت الواقع أن تجاهل هذه القضية لا يجلب سوى مزيد من الأزمات بينما الاعتراف بها واحتواؤها سياسيًا يفتح الباب أمام تسوية عادلة ومستدامة، ويتمثل جوهر هذه التسوية بالنسبة لشعب الجنوب في استعادة دولة الجنوب بوصفها حقًا أصيلًا وإرادة شعبية راسخة، وخيارًا سياسيًا واقعيًا أثبتت التجارب أنه الأكثر ضمانًا للاستقرار والأقرب إلى تحقيق السلام الشامل بعيدًا عن صيغ الوحدة المفروضة أو الشراكات المختلة التي أثقلت اليمن بالصراع لعقود .
وقد أكدت المملكة، في مواقف رسمية متعددة، أن القضية الجنوبية قضية عادلة وأن حلها لا يكون إلا عبر حوار سياسي شامل يراعي تطلعات جميع الأطراف ضمن إطار يضمن أمن اليمن واستقراره؛ فهذا الموقف ليس مجرد تصريح بل يمثل فهمًا عميقًا لطبيعة الصراع ويمنح فرصة تاريخية يجب البناء عليها.
إن حرص الرياض على وحدة واستقرار اليمن لا يتعارض مع احترام إرادة الشعوب وحقوقها المشروعة؛ فالسلام الحقيقي لا يقوم إلا على أساس العدالة، وما يطالب به شعب الجنوب اليوم وعلى رأسه استعادة دولته ليس استثناءً بل حق طبيعي للعيش بكرامة والمشاركة في القرار، وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.
وفي ظل التحديات الحالية، فإن دعم المملكة لتسوية عادلة ومنصفة للقضية الجنوبية بما فيها حق الجنوبيين في استعادة دولتهم يمثل استثمارًا استراتيجيًا في أمن المنطقة؛ فتمكين الجنوبيين سياسيًا يعزز الاستقرار الأمني والاقتصادي في الجنوب، ويمهد لحل شامل يقلل فرص عودة الصراع ويؤسس لسلام طويل الأمد.
إن الشراكة مع شعب الجنوب تخلق توازنًا واقعيًا يخدم مصالح الأشقاء ويحصن الإقليم من الفوضى، و المملكة العربية السعودية بما تمتلكه من ثقل سياسي ورؤية استراتيجية، قادرة على أن تكون الضامن الأكبر لسلام عادل في اليمن؛ سلام يعترف بالقضية الجنوبية واستحقاقاتها، ويضع استعادة دولة الجنوب ضمن خيارات الحل، لا ضمن قائمة الممنوعات، فاستقرار الجنوب رافعة لاستقرار المنطقة، وأمن اليمن عمق مباشر لأمن المملكة.
هذه ليست رسالة ضغط بل نداء شراكة.
شراكة قوامها الاحترام المتبادل وغايتها بناء سلام دائم يليق بتضحيات الشعوب وحكمة القيادات ...