أول مؤتمر دولي للطاقة في عدن .. هل يضع حلا لأزمة الكهرباء المتفاقمة في اليمن؟
صوت عدن/ وكالات :
شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن فعاليات المؤتمر الوطني الأول للطاقة الذي يعد السابقة الأولى منذ سنوات طويلة إذ يعلق اليمنيون في مناطق الشرعية آمالا كبيرة على هذا الحشد الدولي لرفع المعاناة الشديدة التي حولت البلاد في الكثير من الأوقات إلى ظلام دامس نتيجة نقص الوقود وغياب الكهرباء.
ويأتي توقيت المؤتمر في وقت شديد الحساسية تعيشه مناطق الشرعية، حيث يمثل هذا الانعقاد كمنصة وطنية مهمة لمناقشة احتياجات اليمن العاجلة والاستراتيجية في مجال الطاقة، وذلك في ظل تحديات متراكمة تعاني منها البلاد منذ سنوات في هذا القطاع الحيوي.
وخلال افتتاح المؤتمر، أعلن رئيس الحكومة اليمنية، سالم بن بريك، عن "دعم إماراتي لقطاع الطاقة يبلغ مليار دولار يشمل المحافظات المحررة"، مؤكدا أن قطاع الطاقة في اليمن يعاني عجزا كبيرا وأن المشاريع المعلنة تمثل خطوة حقيقية نحو وضع الحلول الجذرية والمستدامة للأزمة الكهربائية، معتبرا أن عام 2026 هو عام الكهرباء. وأشاد بن بريك، بدعم المملكة العربية السعودية المتواصل للحكومة اليمنية، خصوصا في مجال دعم المشتقات النفطية لضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وتحسين مستوى الخدمة.
بدوره أكد وزير الطاقة والكهرباء اليمني، مانع بن يمين، أن رسالة المؤتمر الوطني الأول للطاقة واضحة ونحن واثقون من دعم الأشقاء والأصدقاء والبنك الدولي لقطاع الطاقة في اليمن، وأشاد بالدور المحوري للدعم الإماراتي في دفع عجلة هذه المشاريع الحيوية والتحول نحو الطاقة النظيفة، وثمن وزير الكهرباء دعم المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة لقطاع الطاقة من خلال توفير الوقود وإنشاء المحطات.
وأكد مراقبون أن المؤتمر الوطني الأول للطاقة يمثل محطة مفصلية تؤسس لعهد جديد من النهوض الخدمي والتنمية، ويساهم في تحسين واقع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين، وتعزيز توجهات اليمن نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، واستقطاب الاستثمار في قطاع استراتيجي يمس الحياة اليومية للشعب، ودعم الاستقرار الاقتصادي والخدمي في المحافظات المحررة.
هل ينجح المؤتمر الأول للطاقة المنعقد في عدن والذي ترعاه دول التحالف ومنظمات دولية وإقليمية في حل أزمات الطاقة وتهدئة الأوضاع المشتعلة في الشارع اليمني؟
بداية يقول، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، إن انعقاد مؤتمر الطاقة الوطني في عدن يشكل خطوة مهمة نحو معالجة واحدة من أعقد الملفات التي تعاني منها مدينة عدن وعموم محافظات الجنوب منذ سنوات، والمتمثلة في أزمة الكهرباء الخانقة التي تراكمت آثارها بفعل الحرب وانهيار البنية التحتية.
التحديات الأساسية:
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المؤتمر يمثل منصة وطنية لبحث التحديات الأساسية التي تواجه قطاع الطاقة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف شراء الطاقة، والاعتماد الواسع على وقود الديزل، وضعف كفاءة التوليد وشبكات النقل والتوزيع.
وأضاف صالح، هذا الحشد الكبير المتخصص يبحث حلولا واقعية لإنعاش المنظومة الكهربائية من خلال تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، واعتماد الطاقة الشمسية والمتجددة، ووضع خارطة طريق تعيد ترتيب أولويات القطاع وتنقله من الحلول المؤقتة إلى المعالجات المستدامة.
وأشاد القيادي الجنوبي، بالدعم الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة وأعلن عنه رئيس الوزراء سالم بن بريك، والمقدر بمليار دولار لدعم قطاع الكهرباء، مؤكدا أن هذا الدعم يشكل خطوة نوعية سيكون لها أثر مباشر في التخفيف من حدة الأزمة، ويمثل دفعة قوية لجهود إصلاح هذا القطاع الحيوي، وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقرارا.
التوقيت والرسائل:
وحول التأثير السياسي لعقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت والرسائل التي يحملها يقول صالح، عقد المؤتمر في هذا التوقيت له أهمية سياسية كبرى، خاصة وأنه يعقد في لحظة حساسة تشهد فيها البلاد حالة من الجمود في المسار السياسي، الأمر الذي يجعل من معالجة الملفات الخدمية والاقتصادية أولوية لا يمكن تأجيلها، والتوقيت أيضا يبعث برسائل واضحة بأن عدن قادرة على استعادة دورها كمركز رئيسي لإدارة الملفات الاقتصادية والتنموية، وأن هناك إرادة حقيقية لإعادة بناء القطاعات الحيوية على أسس حديثة بعيدا عن التجاذبات السياسية.
ولفت صالح إلى أن توقيت المؤتمر يعكس أيضا حضورا إقليميا داعما، ما يمنح الملف زخما إضافيا، ويؤكد أهمية استقرار الجنوب كمدخل رئيسي لأي تقدم سياسي على مستوى اليمن عموما، هذا المؤتمر وما سيصدر عنه من توصيات يمثلان بداية مسار جاد لإعادة بناء قطاع الطاقة، بوصفه حجر الزاوية لأي نهضة اقتصادية وتنموية في الجنوب.
مستويات غير مسبوقة:
من جانبه يقول، صلاح بن لغبر، الكاتب الصحفي والقيادي الجنوبي باليمن، أن المؤتمر الوطني الأول للطاقة في عدن يمثل خطوة بالغة الأهمية، وهو الأول من نوعه في اليمن، وقد جاء متأخرا في بلد يعاني منذ سنوات طويلة من انهيار شبه كامل في قطاع الكهرباء، فنحن نتحدث عن دولة أنهكتها حرب أهلية ممتدة لأكثر من عقد، سبقها أصلا عجز مزمن و مستفحل في إنتاج الطاقة وتوزيعها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، خلال سنوات الحرب، تفاقمت الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة، هناك محافظات عديدة انعدمت فيها الكهرباء لأشهر وأحيانا لسنوات حتى في عدن العاصمة، وما تزال معاناة السكان مع الانقطاعات جزء من الحياة اليومية، خاصة في فصل الصيف المعروف بارتفاع كبير في درجة الحرارة.
الطاقة النظيفة:
وأشار بن لغبر، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحولات لافتة بفضل توسع حلول الطاقة النظيفة، فقد أنجزت مشاريع استراتيجية ممولة ومنفذة من دولة الإمارات، أسهمت في إدخال الطاقة الشمسية على نطاق واسع وسريع، على غرار مشروع بقدرة 240 ميغاوات في عدن، إضافة إلى تزويد محافظة شبوة بالطاقة النظيفة عبر مشروع ضخم نفذته شركة "مصدر" الإماراتية، ومشاريع مماثلة في الساحل الغربي وجزيرة سقطرى وأجزاء من حضرموت، هذه المشروعات تمثل نموذجا لما يحتاجه اليمن اليوم من طاقة مستدامة وموثوقة.
وأوضح القيادي الجنوبي، أن هذه المشروعات التي نفذتها أبو ظبي خفضت عبئا ماليا ثقيلا على الحكومة وحسنت حياة الناس بشكل كبير وأنهت أو خففت المعاناة بشكل كبير في العديد من المناطق، إذ كانت كهرباء عدن وحدها تنفق نحو 65 مليون دولار شهريا على وقود الديزل والمازوت، ورغم ذلك ظلت الأزمة متفشية، لذا ينبغي على هذا المؤتمر أن يركز على تبني مشاريع الطاقة النظيفة باعتبارها الحل الأكثر استدامة وفعالية، خاصة في بلد يستنزفه الوقود وترهقه الحرب، هذا هو المسار الذي يمكن أن يعيد بناء قطاع الكهرباء في اليمن على أسس قوية وعصرية.
بداية واعدة:
بدوره يقول الكاتب الصحفي اليمني، فواز الحنشي، إن المؤتمر الوطني الأول للطاقة الذي عقد أولى جلساته اليوم في عدن، هو أول مؤتمر بهذا الحجم يقام في اليمن فيما يتعلق بمجال الطاقة، حيث تعاني اليمن منذ سنوات من أزمة كبيرة في هذا المجال منذ العام 2011 حتى اليوم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" :" أن هذا التجمع الدولي من الشركات والدول والمستثمرين في مجال الطاقة هو بداية واعدة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، وقد توج اليوم الأول بالإعلان الإماراتي بتقديم استثمارات ودعم في هذا المجال يقدر بـ مليار دولار أمريكي، يتمثل هذا الدعم الإماراتي في مجالات إنشاء محطات الطاقة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في عدد من المحافظات اليمنية، إضافة إلى مشاريع أخرى سوف يقوم بتمويلها البنك الدولي، كما أن هناك دعم سعودي لعدد من المحطات في عدد من المحافظات".
وأشار الحنشي إلى أن الدعم الذي أعلنت عن تقديمه أبوظبي لدعم الطاقة هو الأكبر من نوعه، ربما هى المرة الأولى التي تشهد اليمن دعما من هذا النوع، مع ذلك فقد سبق وأنشئت الإمارات محطات للطاقة الشمسية في عدن وشبوة والساحل الغربي وتعز وغيرها من المحافظات.
وحول أهمية عقد المؤتمر في تلك الظروف الاقتصادية التي يعاني منها اليمن، يقول الحنشي، المواطن اليمني والجنوبي يعلق على هذا المؤتمر آمالا كبيرة في أن يسهم في حدوث انفراجة في هذا القطاع الحيوي خلال الفترة القادمة، خاصة وأن أزمة الكهرباء استفحلت خلال أكثر من عقد مضى، علاوة على نقص توليد الكهرباء هناك أزمة الوقود، حيث أن الحكومة خلال السنوات الماضية وحتى الآن لديها صعوبات في عملية شراء الوقود لتشغيل المحطات الموجودة حاليا.
